يعد إقبال التونسيين، على الوجبات السريعة، ظاهرة آخذة في الازدياد في السنوات الأخيرة، حيث أصبحت محلات الأكلات السريعة بأنواعها، ملاذا للكثيرين، ربحا للوقت والجهد.
وفي مجتمع يعيش في عصر السرعة، تحظى الوجبات السريعة بشعبية كبيرة، فلست مضطرا مثلا، لقضاء ساعات في المطبخ لإعداد طبق الغداء أو العشاء، فيكفي أن تضغط على أزرار هاتفك، لتطلب ما تشاء من مأكولات سريعة، تصلك في دقائق.
تقول كوثر، ثلاثينية متزوجة وموظفة بشركة تأمينات :”أعمل لتسع ساعات يوميا، حقيقة يصعب على النساء العاملات إعداد الطعام بشكل يومي، ألجأ في الكثير من الأحيان للوجبات السريعة، وأعتبرها ضرورية ومتماشية مع ظروف العمل والحياة بصفة عامة”.

وتضيف محدثتنا: “حسب رأيي، يكون إقبال الناس على الوجبات السريعة، في بعض الأحيان ككسر للروتين اليومي للطعام، من جهة، وبسبب الانشغال اليومي بالعمل والدراسة، من جهة أخرى، فأصبح أفراد العائلة الواحدة يجتمعون مرة واحدة على طاولة الطعام، حيث تكون وجبة العشاء فقط مشتركة بينهم”.
من جهة أخرى، نلاحظ أن فئة الشباب خاصة، تميل لتناول الوجبات السريعة، وهذا ما يظهر بروز ثقافة “أكل” جديدة في المجتمع، تتماشى مع ذهنية الشباب، الساعية لكسر القواعد الروتينية للأكل، لكن في نفس الوقت لا يعني ذلك بالضرورة، المساس بالروابط الأسرية، وذلك حسب تأكيد “محمد”، طالب جامعي قال أن الوجبات السريعة بأنواعها محببة لديه، وأضاف: ” أستمتع بتناول الأكل خارج البيت باستمرار رفقة الأصدقاء، خاصة عند توفر مطاعم عالمية، تقدم أكلات من شتى بلدان العالم، كالأكل المكسيسي، والإيطالي، والياباني وغيره، لن نضطر للسفر لتذوقها”.
أشهر الأكلات السريعة في تونس
تشتهر تونس بتنوع أطباقها السريعة الشعبية.

فنجد على رأسها “الكسكروت التونسي” وهي شطيرة من الخبز التونسي محشوة بالهريسة التونسية (فلفل أحمر حار، يتم رحيه ويستعمل في إعداد الشطائر) والتونة والسلطات وزيت الزيتون (ثمنه 4 دنانير تقريبا)، و”كسكروت الكفتاجي” وهي شطيرة محشوة بالخضار المقلية (ثمنه 4 دنانير تقريبا)، نجد كذلك الفريكاسي (عجينة مقلية يتم حشوها بالهريسة والبيض والبطاطا والتونة)،(ثمنه دينار واحد) والملاوي (خبز تونسي، تحضر عجينته بالزيت النباتي).

إلى جانب الأكلات الشعبية نجد أيضا نوعا جديدا من الأكلات السريعة كالمقلوب (عجينة يتم طهوها في الفرن ويتم حشوها بجبنة الموزاريلا والإسكالوب والسلطات)(ثمنه 7 دنانير تقريبا)، إلى جانب مختلف أنواع البيتزا والهامبرغر.

ومع ذلك، فإن الاستهلاك المفرط لهذه الوجبات السريعة، له آثار ضارة على الجسم بشكل عام والدماغ بشكل خاص.

فما هي الأضرار التي قد يحدثها هذا النوع من الوجبات؟
حسب دراسات طبية أجريت عن الموضوع، خلصت إلى إحتواء هذه “الوجبات السريعة” على كميات كبيرة من الملح، والسكر، والدهون الضارة، مقابل إحتواءها على نسب ضئيلة من الفيتامينات والمعادن والعناصر الغذائية مقارنة بالأطعمة الصحية.
وتقول الدراسات، أن إحتواء الوجبات السريعة على كميات عالية من الدهون والملح تجعل مستهلكها أكثر عرضة للإصابة بمشاكل في القلب، إضافة لإحتواءها على نسب عالية من السكر، بالتالي فإن إستهلاكها بإستمرار، من شأنه أن يؤثر سلبيا على مستويات السكر في الدم.
كما تؤكد الدراسات في الموضوع، على إحتواء الأطعمة السريعة على الدهون والسعرات الحرارية العالية مايعزز إحتمالية الإصابة بالسمنة لدى المدمنين على هذه الوجبات، خاصة مع تأكيد دراسات تابعة للجمعية التونسية لجراحة البدانة والأمراض الأيضية بتونس صدرت سنة 2022، أن نسبة انتشار السمنة والسكري تقدر حاليا ب 35 بالمائة من مجموع السكان في تونس.
وبالحديث عن الأضرار، لا ننسى، قلة المراقبة الصحية أو غيابها في بعض الأحيان، عن محلات الأكل في تونس، ما يساعد في زيادة الأضرار على المستهلك مالم يتم التثبت من جودة المواد المستخدمة في الطهي.
نقول في الأخير أن الظروف المعاشية سمحت، بإنتشار محلات الأكلات السريعة بأنواعها بصفة كبيرة في تونس، فتلاحظ وجود “محلا واحدا” على الأقل للأكلات السريعة، في كل شارع من شوارع العاصمة تقريبا، بل وتنوعت أصناف الوجبات السريعة، فتجد الشعبية منها، وتكون عادة بثمن زهيد، يقبل عليها التلاميذ والعمال، وتجد أيضا، الأكلات السريعة “الفاخرة”،
ويظل كلاهما بالنسبة للمقبلين عليها “ملاذا بطعم مر”.
بقلم ندى الغانمي