“يمكن الحكم على عظمة أي أمة وتقدمها من خلال كيفية تعامل تلك الأمة مع حيواناتها”- المهاتما غاندي“
يعتبر إمتلاك الحيوانات وتربيتها وقضاء الوقت معها أمرا رائعا، يعود على صاحبه بفوائد صحية ونفسية عديدة، حسب عدة دراسات، اهتمت بالموضوع.
أين خلصت إحدى تلك الدراسات، إلى أنّ مرافقة حيوان أليف لوقت طويل، من شأنه أن يعزز جهاز المناعة، أما نفسيا فيعد تطوير رابط عاطفي مع حيوان أليف، حافزا لإفراز هرمون الأوكسيتوسين أو “هرمون الحب”.
بالإضافة إلى إثبات الدراسات من جانب والتجارب البشرية من جانب اخر، أن الحيوانات الأليفة تساعد كثيرًا في الشفاء من المشاكل العاطفية مثل الصدمات والغضب.
من ناحية أخرى، تساعد تربية الحيوانات، على أن يكون مربوها إجتماعيين، فنلاحظ في السنوات الأخيرة، تخصيص منصات ومحادثات على مواقع التواصل الإجتماعي بين محبي ومربي الحيوانات، يتبادلون من خلالها النصح والتجارب، في كل مايهم أصدقاهم الحيوانات.
تربية الحيوانات الأليفة في تونس
وإن لم تكن ظاهرة تربية الحيوانات الأليفة، جديدة في تونس إلا أنها اخذة في الإزدياد، بازدياد عيادات البياطرة ومحلات بيع مستلزمات الحيوانات، وحتى المراكز التي تهتم بنظافتهم وجمالهم وحتى تقليم أظافر أصدقائنا الحيوانات.
“من بين أسباب زيادة نسب تربية الحيوانات الأليفة هي التباعد الأسري حسب رأيي، فيجد الطالب المتغرب عن وطنه أو عن عائلته ملاذه في أليفه، هذا ما يعيشه إبني” تقول سميحة، سيدة متقاعدة وتعيش بمفردها وتضيف “قرر إبني منذ سفره للدراسة خارج الوطن، أن يربي قطا ويجعله أليفه في غربته، وها أنا أفعل نفس الشيء، أربي قططا في منزلي وأهتم بأكل وحاجيات قطط أخرى في الحي”.
كما نجد في قلب العاصمة التونسية، سوقا تباع وتُشترى فيه الحيوانات بأنواعها وأشكالها وألوانها المختلفة، “سوق المنصف باي”، هناك حيث تباع عديد السلالات من القطط والكلاب والطيور وغيرها من الحيوانات، والمقبلون عليها كُثر، كل حسب طلبه، وكل طلب موجود في هذا السوق الذي أصبح “عنوانا” لتجارة الحيوانات في تونس.

لامتلاكها، لعذوبة أصواتها


وبالتوازي مع ارتفاع أعداد المهتمين بالحيوانات الأليفة، اختارت عدة جمعيات في العاصمة تونس وفي بقية الجهات بالجمهورية، إقامة ملاجئ تكون مأوى لمئات من القطط والكلاب الضالة، تهتم بأكلها وعلاجها وتعقيمها، وانخرط أطباء بياطرة في مساعدة هذه الجمعيات، كما تستقبل هذه الجمعيات مساعدات مادية من محبي الحيوانات، لكنها تبقى مجهودات متواضعة مقارنة بعدد الحيوانات الضالة، التي تحتاج للمساعدة في تونس.




غياب التشريعات الحامية للحيوانات في تونس
في مقابل ذلك، هل تعتبر حقوق الحيوانات محفوظة في تونس، وهل توجد تشريعات تحميهم وتضمن أمنهم وسلامتهم؟
قطعا، لا يوجد.
تقول أريج: “مررت وزوجي بتجربة مريرة السنة الماضية، فقدنا كلبنا “توم” في حادثة دموية، قررنا بعدها ألا نتبنى حيوانا بعده، خوفا من الفقد مرة أخرى” وبسؤالها على التفاصيل قالت: “خرج “توم” من المنزل وضل طريق العودة، لتقتله في الأثناء رصاصات أعوان البلدية، ماذا عسانا نفعل، هل نشكي بالسلط المحلية للسلط؟ في بلد تغيب فيه حقوق حافظة لسلامة حيواناتها؟
وننوه بالرجوع لحادثة قنص “توم”، لكون السلطات البلدية في تونس، تعتمد عمليات قنص الكلاب الضالة بحجج أنها أصبحت مصدر خطر و”إزعاج” للمواطنين.
وبالعودة للإحصائيات (صادرة عن جمعيات مهتمة بالموضوع) فقد تم قتل قرابة 40 ألف كلب ضال في تونس سنة 2018، عن طريق قنصها برصاص أعوان البلديات ليلا.

أمام غياب التشريعات التي تحمي الحيوانات في تونس وتجرم الإعتداءات عليها أو قتلها، سعت السلطات، لإعتماد مجموعة من الفصول الواردة في المجلة الجزائية، والتي تنص على إقرار عقوبات، عند “الإضرار عمدا بملك الغير”، لردع المخالفين وسد الفراغ التشريعي في المجال، وقد سلطت المحاكم التونسية بالفعل عقوبات، في مجموعة من القضايا، ضد شخوص ألحقوا أضرارا بالحيوانات، لكن لا يعد ذلك كافيا في ظل غياب تشريعات صريحة تكيف الجرائم ضد الحيوانات.
ومقارنة بتجارب العالم، في مجال حقوق الحيوان، تعتبر الولايات المتحدة الأمريكية، رائدة في المجال والتشريعات الخاصة بها، فأصبحت الإعتداءات عليها تدخل طائلة “الجريمة الفيدرالية”، والتي تنص على معاقبة كل من يحاول تعريض الحيوانات لأي شكل من أشكال العنف، بعقوبة سجنية لفترة يمكن أن تصل إلى سبع سنوات.
كما أصدرت محكمة مصرية، مؤخرا، حكما يقضي بسجن عامل بأحد المطاعم لمدة 6 أشهر، بتهمة قتل قطة عمدا، حيث تعمد المتهم إلقاء القطة تحت سيارة كانت تمر بأحد الشوارع في العاصمة المصرية “القاهرة”.
أما في تونس، فما لبثت الجمعيات التي تنشط في مجال حقوق الحيوان، أن طالبت السلطات، بسن قوانين صريحة تحمي الحيوانات، بالإضافة للمطالبة بتعويض عمليات القنص التي تنفذها البلديات في مختلف الجهات بالبلاد، بالتلاقيح الضرورية للحيوانات الضالة، وتعقيمها، لضمان سلامتها وسلامة المواطنين، إلا أن الإجابة كانت دائما، تدور في دائرة الإمكانيات الضئيلة لمؤسسات الدولة المهتمة بالموضوع، وبالتالي فالرصاصات هي الحل بالنسبة لها.
بقلم ندى الغانمي