ورغم بعض التحفظات الرسمية في بعض المجتمعات المحافظة فإن الإحتفال بعيد الحب استطاع أن يفرض نفسه على كل المجتمعات لما تتضمنه كلمة الحب من معان إنسانية ساميه، وذلك رغم التأثير المتزايد للجانب التجاري الذي حوّل هذا الإحتفال الى مناسبة للشراء والبيع والاستهلاك.
ككل مجتمع شاب فان عيد الحب أصبح منذ تسعينات القرن الماضي يحتلّ مكانة هامة في تونس، ويُحتفل به عبر تبادل التهاني والهدايا بين المحبين والمخطوبين والأزواج.
كما يُعتبر فرصة لتقوية المشاعر وتمتين العلاقات وابراز مظاهر الإهتمام والتعلق بالمحبوب او الخطيب او الزوج.
وقد لعبت وسائل التواصل الاجتماعية دورا كبيرا في إشاعة عيد الحب وجعله تقليدا شبه رسمي لا يمكن لأي شخص كان له ارتباط بشخص آخر أن يتغافل عنه وعن اهداء علبة الشوكولاته او قارورة العطر أو لباس جديد أو غيرها من الهدايا التي كرّسها عيد الحب ومنها كذلك الخروج لعشاء مع المحبوب في مطعم.
وللحقيقة فإنه لا أحد يمكنه ان يُنكر قيمة هذا التقليد في بلادنا وإن كان أجنبى الأصل، لأنه يتّصل بأسمى شعور غرسه الله في الانسان، ألا وهو الحب وما يتفرع عنه من معاني المحبة والتعلّق والاهتمام بالآخر.وقد تزيد قيمة الحب في مجتمعنا التونسي أكثر من قبل أي وقت مضى لما يعيشه من أزمة قيّمية ومجتمعية كبيرة تتمثل في تفاقم الأنانية والفردانية والاهتمام بالمصلحة المادية واستشراء العنف لا سيما منه المسلّط على المرأة، وهو ما يبرز في ارتفاع نسب الانفصال والطلاق التي مسّت حتى الأزواج المتقدمين في السن.
لكن مع الدور الذي تلعبه شبكات التواصل الاجتماعية في ربط العلاقات المؤدية الى انشاء الحب والارتباط بفضل منصّات التعارف والتلاقي، فإن هذه الشبكات حسب كثير ممن وقع استجوابهم يؤكدون انها شبكات “تفّهت ” هذه العلاقات وافقدتها قيمتها وسحرها الطبيعي.لذلك فهم يفضلون العودة الى الطرق القديمة ومنها التعرف عن شريك الحياة المستقبلي من بوابة العائلة أو المعارف المقرّبين.
ويعدّ أكثر المستعملين لمنصات التعارف من الذكور، لا سيما الشباب الذين تُحرّكهم مصالح مادية، لذلك يبحث العديد منهم على ارتباطات في الخارج كطريق للهجرة.
ومع تزايد دور شبكات التواصل الاجتماعية تراجع دور العائلة التي كانت الفضاء الأهم لربط علاقات الحب والزواج بين الشبان وذلك للتغيّر الذي عرفه المجتمع وتراجع وضعف السلطة الأسرية. أين يجد التونسيون الحب المؤدي الى ارتباط؟•في المدرسة (أو المعهد أو الكلية..): 13%
•في العمل: 23%
•في الاسرة: 27%
•في منصات شبكات التواصل الاجتماعية: 19%
في أماكن اخرى: 18%
ندى الغانمي