كرر الرئيس التركي طيب رجب أردوغان دعوته للقاء الرئيس السوري بشار الأسد.
وتوجّه الرئيس التركي في ختام قمة الناتو المنتظمة بالعاصمة الأمريكية واشنطن في رسالة مباشرة الى الرئيس السوري قائلا”السيد أسد: إما ان تأتي إلى بلدي أو في بلد ثالث لنقم بهذا الاجتماع. دعوتي أرسلتها قبل أسبوعين، وكلفت وزير الخارجية الذي سيتواصل مع نُظرائه ،انشاء الله، لتحقيق ذلك”
وختم الرئيس التركي رسالته داعيا نظيره السوري قائلا :” لنتجاوز أي مشاعر خلاف أو استياء. لنبدأ عملية جديدة”
واثارت دعوة الرئيس التركي بشكلها المباشر والغريب عن التقاليد الديبلوماسية ردود فعل عديدة في المنطقة وفي العالم. واعتبر الكثيرون انها تستجيب لمصالح ومتغيرات فرضتها معطيات جيوإستراتيجية جديدة في المنطقة ومنها خصوصا ما أصبح يحظى به الأكراد من دعم غربي لإقامة دولتهم.
ورأى البعض الآخر ان سبب هذا التغيّر المفاجئ في موقف الرئيس التركي تجاه القيادة السورية بعد قطيعة دامت أكثر من عشر سنوات، هو الحرب الإسرائيلية على غزة، التي أحدث تحولات في العلاقات والتحالف في المنطقة اضعفت دور تركيا في المنطقة وحدت من طموحاتها كقوة إقليمية.
وفي ما يتعلق بإصرار الرئيس التركي وتكراره لدعوته وتقديمها بشكل مباشر وغير معهود في التقاليد والاعراف الدبلوماسية، فإن العديد من الملاحظين يرون في ذلك انعكاسا للوضع الداخلي التركي المتميّز بالتسابق، بين السلطة والمعارضة، نحو إحياء العلاقات مع بلدان الجوار التركي، إذ يهدد زعماء المعارضة التركية منذ مدّة بالتحول إلى دمشق لربط قنوات التواصل مع الرئيس الأسد وتطبيع العلاقات مع النظام السوري، وهو ما قد يكون دفع بالرئيس أردوغان الى الإسراع بمبادرته لنيل قصب السبق.
ولكن، ورغم انه توخّى نفس الطريقة المباشرة والمفاجئة لإعادة إحياء العلاقات مع مصر، فإن الوضع يختلف مع سوريا حيث تتمركز قوات تركية في شمال البلاد وحيث يتواجد أكثر من مليوني مهاجر سوري في تركيا. كما أن المعارضين السوريين لنظام الأسد موجودون في تركيا ومدعومون من طرف نظامها، وهي كلها معطيات قد تجعل تطبيع العلاقات بين البلدين ليس بالأمر السهل، وخصوصا بالسرعة التي يريدها الرئيس التركي. أردوغان كان قبل الحرب السورية يرفع شعار”صفر مشاكل مع سوريا”، لكنه تورّرط في الحرب الأهلية السورية ودفع بنظام الاسد الى البحث عن تحالفات خارجية ساهمت في تغيير الوضع الداخلي السوري تغييرا يبدو اليوم عميقا ومعقدا.
ع. الزغلامي