بقلم عبد الجليل المسعودي
هل لاحظتم كما لاحظتُ كيف يتزايد عدد السيارات الفاخرة على الطرق بنفس الوتيرة التي يتكاثر بها عدد الذين ينقّبون في حاويات القمامة؟الأمر صادم لكنه ليس جديدا ولا غريبا. فتلك كانت النتيجة دائما حين تلتقي الأزمة الاقتصادية مع غياب الدولة.
الأزمة لها اليوم اسم: التضخّم. التضخم ارتفع في بلادنا بنسبة نصف نقطة كل شهر منذ بداية السنة ليبلغ اليوم رقما قياسيا يصل الى8% (7،3% حسب الإحصائيات الرسمية). وهذه النسبة القياسية ما تزال مرشحة لارتفاعٍ اكبر في ظل توجه تصاعدي نتيجة الوضع العالمي المتأزم.نتج عن هذا التضخم: إرتفاع جنوني للأسعار وخصوصا منها أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية من زيت ودقيق ولحم. واذا أضفنا الى هذا الارتفاع الزيادة المشطة لأثمان الطاقة تكون الطبقة الوسطى التي مثلت منذ اكثر من أربعين سنة العمود الفقري للمجتمع التونسي قد فقدت بذلك حوالي 60% من طاقتها الشرائية منذ سنتة2011.
أمام هذا الوضع المتردي تظهر الدولة غائبة غيابا ملحوظا رغم خطب الحماسة والعدالة والمساواة ورغم الحضور المستمر للسلطة في وسائل الاعلام. ويبرز هذا الغياب في عدم وجود أي خطة معلنة، واضحة وفعلية للتصدي للفقر الزاحف والذي طال شريحة واسعة من الشعب التونسي بلغت نسبتها حوالي العشرين في المائة(20%) يعيش نصفها بأقل من 5 دنانير يوميا.
كان لا بد للدولة، مثلما تقوم به دول كثيرة، تحديد المستحقين للاعانة من أبناء الشعب تحديدا دقيقا وتقديم دعم موجه لهم في شكل صكوك غذائية حتى لا تضيع المجهودات وتذهب تلك الاعانات سبهللا او ينتفع بها من لا يستحق.كما أن الأمر كان ومازال يتطلب من السلطة الحاكمة تنشيط المدّ التضامني الذي طالما مثّل ميزة من ميزات الشعب التونسي وإحدى أدوات العمل والإنجاز الإجتماعي إضافة إلى دوره كمحفّز لتفعيل وتعزيز الوحدة والانتماء الوطنيين.ولا مناص لإحلال الشعور بالعدالة الاجتماعية من فرض الضرائب على السلع الفاخرة ومنتجات الرفاهة، فليس هناك أبشع واخطر من مظاهر التفاوتات والفوارق الاجتماعية زمن الازمات والفقر.الفقر صامت ولكن حذار اذا ما نطق.