بقلم عبد الجليل المسعودي
قد يبدو من غير المناسب، والحرب ما تزال تستعر، وأطفال غزّة ونساؤها يُبادون، والوزير الأول الاسرائيلي بنيامين نتنياهو لا ينفكّ يؤكّد أنه ماضٍ إلى الأمام في تنفيذ قراره اجتياح رفح حيث يتكدس ما يتجاوز المليون من سكان غزة. قلنا، من غير المناسب طرح السؤال: ماذا عن مرحلة ما بعد الحرب؟
ولكن، وحتّى وإن بدت المرحلة اليوم بعيدة وغير واقعية، فإنه لابد لهذه الحرب ان تنتهي وتضع أوزارها وتترك المكان لتشكّل مشهدٍ سياسي جديد في المنطقة. حينها سيكون، بلا شك، أول من سيفقد موقعه في المشهد الجديد هو بنيامين نتنياهو، الملاحَق قضائيا في بلاده والذي أصبح ملاحقا اخلاقيا في العالم، والذي يلجأ أليوم، من أجل البقاء في السلطة، إلى كل الحيل والذرائع وإلى إطالة مدة الحرب والعمل على توسيع رقعتها.
رحيل نتنياهو سوف يفرض تغييرا في المشهد السياسي المنتظر في المنطقة، وسيكون الملمح الأبرز في الجانب الاسرائيلي تراجع نفوذ اليمين الديني المتطرف.
من الجانب الفلسطيني ستكون السلطة الفلسطينية التي ضعفت كثيرا، على المحكّ. ورغم محاولاته البقاء في السلطة بكل الطرق بما فيها التأجيل منذ ثلاث سنوات للانتخابات، فإن الرئيس محمود عباس قد يخرج هو الآخر من المشهد الجديد المنتظر.
عندها سيطرح السؤال: من سيكون رجل المرحلة الفلسطيني؟
والجواب: مروان البرغوثي!
هذا الرجل الستيني الذي يقبع في سجون اسرائيل منذ عشرين سنة، المحكوم عليه بخمس مرات سجنا مؤبّدا، لم يغب، وهو في زنزانته حيث تعلّم اللغة العبرية وأتقنها، عن الشأن الفلسطيني وتدخّل في أكثر من مرة في مسار الأحداث.
“منديلا فلسطين” كما يكنّيه الفلسطينيون، يتمتع بشعبية كبيرة عند الفلسطينيين بمختلف انتماءاتهم، وهو محاور جيّد وشخصية مجمّعة.
مروان البرغوثي يتصدّر قائمة السجناء الذين تطالب حماس بإطلاق سراحهم مقابل تسريح الرهان الاسرائيلين الذين تمّ احتجاهم خلال هجوم 7 أكتوبر الماضي، وهو ما يدل على قيمته الرمزية وما يمتلكه من شرعية في عيون الفلسطينيين في الضفة وفي القطاع، قد تؤلانه غدا للعب دور أساسي في المشهد السياسي ما-بعد-الحرب، وضمن الدولة الفلسطينية المستقلة التي أصبحت تنادي بتحقيقها المجموعة الدولية وأولها الدول الغربية حليفة اسرائيل التقليدية.